{ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,}
من المسائل التي ينبه عليها التوبة والاستغفار والعودة إلى الله، ونحن نشكو حالنا وتقصيرنا وذنوبنا إلى الواحد الأحد، فلا يغفر الذنوب إلا الله، ولا يستر العيوب إلا الله، ولا
يكشف الضر إلا الله، ولا يبرئ ولا يعافي ولا يرحم إلا الله، فنسأله وهو الذي فوق سبع سماوات أن يعافينا وإياكم، وأن يغفر لنا ولكم
{ ((وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا الله فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا الله وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ))}
{ ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)).}
يا من أذنب وأخطأ، يا من أسرف وتمرد، يا من بعد عن الواحد الأحد، يا من شرد عن الفرد الصمد، عد إلى الله فباب الله مفتوح وسؤاله ممنوح وعطاؤه يغدو ويروح، يبسط يده
بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها، فنسأل الله أن يتوب علينا وعليكم.
يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا واغفر أيا رب ذنباً قد جنيناه
.
كم نطلب الله في ضرٍّ يحل بنا فإن تولت بلايانا نسيناه
.
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا فإن رجعنا إلى الشاطئ عصيناه
.
ونركب الجو في أمن وفي دعة فما سقطنا لأن الحافظ الله
فيا حافظ النفس، ويا باري الأرواح، أسألك أن ترحمنا رحمة ظاهرة وباطنة.
( يقول صلى الله عليه وسلم ما معناه: )(كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً أخذ سيفه وهو ظالم فاجر، فأخذ تسعاً
وتسعين من الأنفس المعصومة المحرمة فقتلها، فلما تلطخ بالدماء وتلطخ سيفه بسفك الأبرياء تذكر ربّ الأرض والسماء، وتذكر العرض على الواحد الأحد يوم القيامة، فذهب
إلى الناس قال: هل لي من توبة؟
قالوا: اذهب إلى ذاك الرجل في هذا الغار يعبد الله فاسأله هل لك من توبة.
فذهب إلى رجل عابد ما عنده من العلم شيء، عبد الله بالجهل في غار في الجبل، فطرق عليه الغار فخرج هذا الرجل قال: يا فلان. قال: نعم.
قال: أنا قتلت تسعة وتسعين نفساً.
فصرف وجهه عنه وقد أخطأ في هذا العمل، كيف يغلق باباً فتحه الله؟
كيف يغلق حبلاً مده الله؟
قال: هل لي من توبة؟
قال: لا توبة لك، ليس لك توبة، فأخذ سيفه فقتله فكمل به المائة ثم رجع إلى الناس فقال: يا أيها الناس دلوني على رجل، هل لي من توبة؟
قالوا: اذهب إلى ذاك العالم، عالم بصير بالأحكام فقيه في الدين يفتح الله عليه من كنوزه، { ((ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالله ذُو الْفَضْلِ
الْعَظِيمِ)).}
قال: يا أيها الرجل هل لي من توبة؟
قال: ماذا فعلت؟
قال: قتلت مائة نفس.
قال: من يغلق عليك باب التوبة، باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها.
تب إلى الله واستغفره.
قال: أين أذهب؟
قال: القرية التي عصيت الله فيها قرية ظالم أهلها، قرية أهلها فجرة، يعينونك على المعصية، فتب إلى الله وهاجر من قريتك إلى قرية بعيدة، إلى قرية بني فلان، لأن بعض القرى
تعين على الصلاح، بعض القرى تعين على إقامة لا إله إلا الله، بعض القرى يتواصى أهلها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لكن بعض القرى ظالم أهلها يتعاونون على الإثم والعدوان، على الفساد على انتهاك الحرمات وتعدي حدود الله الواحد القهار.
فذهب هذا الرجل تائباً إلى الله الواحد الأحد، فلما مشى في الطريق أدركه الموت فمات، ما سجد لله سجدة، ولا ركع لله ركعة، ولا تصدق بصدقة.
فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، نزلت من فوق سبع سماوات.
أما ملائكة الرحمة فتقول: يا ربي هذا العبد خرج تائباً يريدك ويريد الدار الآخرة فجزاؤه أن تغفر له.
وأما ملائكة العذاب فتقول: يا ربي هذا الرجل ما سجد سجدة ولا ركع ركعة ولا تصدق بصدقة، فجزاؤه النار.
قال الله تبارك وتعالى: إنني الحكم العدل ولست بظلاّم للعبيد، قيسوا بين المسافتين من المكان الذي مات فيه والقرية التي خرج منها، وما بين المكان الذي مات فيه والقرية
التي خرج إليها، فإذا وجدتموه أقرب إلى إحدى القريتين فهو من أهلها، إن كان أقرب إلى الصالحة فهو صالح، وإن كان أقرب إلى الفاجرة فهو فاجر-نعوذ بالله-، ثم أوحى الله من
رحمته وفضله إلى تلك القرية الصالحة أن تقرَّبي، وأوحى إلى تلك أن تباعدي.
فتقربت بجبالها ووهادها وبصخورها، فقاسوا ما بين المسافتين فوجدوه أقرب إلى تلك القرية.
قال: - يا ملائكتي أشهدكم أني غفرت له وأدخلته الجنة). .
هذه رحمة الله، قتل مائة نفس معصومة دماؤهم ثم تاب فتاب الله عليه.